حوثنة المدرسة اليمنية.. تلغيم الجيل وتطييف المجتمع

تقارير - Sunday 27 August 2023 الساعة 08:21 am
صنعاء، نيوزيمن، فتح العيسائي:

تتواصل مساعي مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، لطمس كل ما يعبر عن الهوية الجمهورية للمجتمع اليمني، واستبداله بموروث سلالي بحلة إيرانية، إذ عمدت الجماعة مؤخرًا إلى حذف ذكرى ثورة الـ26 من سبتمبر المجيد من خطتها العامة للأنشطة المدرسية. 

وإلى جانب ما فرضته من إجراءات للتخلص من رمزية الجمهورية اليمنية، ابتدعت ذراع إيران 17 مناسبة طائفية وعنصرية مختلفة، لتكريس مشروعها السلالي، ومن ضمنها يوم الغدير ويوم الولاية، ومناسبات أخرى استنسختها عن النموذج الإيراني الذي يرفضه اليمنيون. 

وفي الوقت الذي تعمل فيه المليشيا الحوثية، على خلق تصور جديد للهوية اليمنية، اعتبر مراقبون إجراءات الجماعة تعبيرا صريحا عن الطبيعة السلالية للحركة الحوثية، وطموحها في استعادة تركة الأئمة التي قفز عليها اليمنيون بثورة الـ26 من سبتمبر. 

استراتيجية طائفية 

منذ انقلاب ذراع إيران على الحكومة، وسيطرتها على مؤسسات الدولة بانقلاب 21 سبتمبر عام 2014م، عملت على تلغيم الهوية الوطنية بخطاب طائفي سلالي يهدف لبناء قاعدة للقضاء على كل ما يربط المجتمع بتاريخه الثوري ضد الإمامة، وبناء تصورات جديدة تمهد من خلالها لتكريس مشروعها العنصري. 

وفي هذا السياق، يقول الكاتب الصحفي، والمحلل السياسي عبدالواسع الفاتكي: "في إطار الاستراتيجية الطائفية والسلالية التي تنتهجها المليشيات الحوثية في مساعيها الحثيثة، لتغيير الهوية الوطنية اليمنية، أقدمت المليشيات الحوثية على سلسلة من الانتهاكات الوطنية". 

وفي إطار حديثه لـ"نيوزيمن"، يرى الفاتكي أن ما وصفها بالانتهاكات الوطنية: "تستهدف الثوابت اليمنية الوطنية والاجتماعية، من خلال سعيها الدؤوب لطوأفة التعليم وتغيير فلسفته الوطنية عبر تغيير المناهج الدراسية، بما يتواءم مع أفكارها الطائفية السلالية". 

وأشار الى أن: "الجماعة حريصة على تزييف الوعي الوطني لدى أجيال النشء، وطمس ما يتصل بالتاريخ الثوري لليمنيين ضد الإمامة، التي تعد المليشيات الحوثية امتدادا بشعا لها". 

وأضاف: "ما أقدمت عليه المليشيات الحوثية من اعتداء صارخ على تاريخ ثورة الـ26 من سبتمبر 1962م، من خلال حذف الاحتفال بها من خطتها العامة للأنشطة المدرسية، وابتداعها 17 مناسبة طائفية وعنصرية ينم بوضوح تام، عن إصرار المليشيات الحوثية على إلغاء كل ما يتصل بنضال وكفاح اليمنيين ضد الكهنوت السلالي الإمامي من الذاكرة الوطنية، لإعادة اليمنيين إلى بيت طاعته". حد وصفه. 

ويعتقد الفاتكي أنه بـ:"إحلال المليشيات الحوثية مناسباتها العنصرية والطائفية، محل المناسبات الوطنية اليمنية، تكرس نفسها كفصيل سلالي مليشياوي مناقض تماما للفكر الوطني والهوية اليمنية ومناف كليا للمكتسبات  الوطنية الجمهورية التي ضحى من أجلها اليمنيون طويلا". 

ولفت إلى أن مشروع الجماعة: "يجعل اليمنيين أمام مهمة تاريخية ووطنية، للدفاع عن الجمهورية ومبادئ الثورة اليمنية، وصون اليمن الجمهوري من الخطر السلالي الكهنوتي المليشياوي، وآثاره الكارثية على حاضر ومستقبل اليمنيين". 

وتستهدف الحركة الحوثية المدرسة اليمنية لتمرير خطابها العنصري، وترسيخ نموذجها السلالي، عبر تحريف المناهج، وإنشاء مراكز صيفية وتعبوية، تعمل على غسل أدمغة الصغار، واستبدال الرمزيات الثورية اليمنية، برمزيات سلالية وإمامية. 

تغذية ثورية 

ولمواجهة ما يعتبره مراقبون، محاولة حوثية للقضاء على رمزية الجمهورية اليمنية، والتخلص من الذكرى الثورية لـ26 من سبتمبر المجيد، يؤكدون على أهمية تعزيز الوعي الاجتماعي بأهمية الحفاظ على موروثهم الثوري المناهض لأطماع السلاليين. 

وفي هذا السياق، يرى الصحفي صلاح الجندي، أنه لا يمكن لليمنيين الحفاظ على هويتهم الثورية، ما لم تعمل الحكومة على تغذية وعيهم الذي سخرت جماعة الحوثي كل طاقاتها لتشويهه وحشوه. 

وقال الجندي في إطار حديثه لـ"نيوزيمن": "ذراع إيران لن تترك أي شيء يذكِّر الشعب اليمني برفضه للسلاليين، لا سيما وهي تسعى لترسيخ نفسها كوريث شرعي للأئمة الذين تخلص منهم اليمنيون بثورة الـ26 من سبتمبر". 

وأشار الى أن: "استراتيجية الحركة الحوثية تعتمد على تلغيم الوعي الجماهيري لليمنيين، بمفاهيم جديدة تهدف لمحو كل ما يتصل برفض شعبي مناهض لحكمها أو للسلالة العنصرية، وبالتالي يجب أن ينشأ خطاب معاكس يقوم على تعرية أهداف الجماعة وطموحاتها". 

وأكد على أهمية: "تكثيف الحملات الإعلامية المعرية للمليشيات الحوثية وأهدافها اللاوطنية، بالإضافة لاتخاذ إجراءات صارمة بحق المنظمات والجهات الداعمة للمليشيات الحوثية لطبع المناهج الدراسية المحرفة كمنظمة اليونيسف". 

واختتم بالقول: "يجب على الحكومة الضغط سياسيًا ودبلوماسيًا، من خلال الامتناع عن التجاوب مع أي مساع دولية وإقليمية للجلوس، مع المليشيات الحوثية والتفاوض حول أي ملفات في حين تستمر الجماعة بطوأفة المجتمع، باعتبار أن ما تمارسه المليشيات الحوثية يعد خطرًا كبيرًا من شأنه تلغيم مستقبل البلاد".