محافظة الجوف.. ساحة مفتوحة للانتهاكات الحوثية

تقارير - Tuesday 29 August 2023 الساعة 08:19 am
الجوف، نيوزيمن، خاص:

بعد تخليها عن مظلة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليًا، وخذلانها للمعركة الوطنية لاستعادة الدولة من قبضة المتمردين الحوثيين، ذراع إيران في اليمن، تدفع محافظة الجوف وقبائلها فاتورة باهظة جراء استبدالهم المشروع الوطني بأدوات إيران ومليشيا التمرد. 

وضمن استراتيجيتها لضرب القبائل وإذلالها، تتواصل انتهاكات جماعة الحوثي بحق المدنيين والقبائل في محافظة الجوف بصورة مستمرة، إذ تعمد إلى مصادرة ممتلكاتهم وأراضيهم في مختلف مديريات المحافظة، عبر تسيير حملات عسكرية من وقت لآخر. 

فاتورة باهظة 

في الوقت الذي اشترت فيه ذراع إيران ولاءات قبائل الجوف للانقلاب على المعركة الوطنية ليسلموا لها محافظتهم وقراهم، قدمت لهم ضمانات كثيرة، غير أن ضمانات السلامة ومختلف أشكال الامتيازات التي وعدت بها القبائل، سرعان ما تلاشت، لتتحول المحافظة إلى ساحة مفتوحة أمام مسلحي الجماعة، يمارسوا فيها صنوف الانتهاكات ضد القبائل. 

الانتهاكات الحوثية التي تتعرض لها قبائل الجوف، امتدت لتطال منازلهم وقراهم، إذ عمدت مؤخرًا لتهجير الأهالي بشكل قسري في مديرية المراشي، وأجبرتهم على ترك منازلهم والنزوح إلى الصحراء بعد أن هددتهم بالقصف والاستهداف المباشر. 

وفي وقت سابق، شهدت محافظة الجوف عمليات تهجير واسعة شملت عددًا من القرى والقبائل، أبرزها قبائل ذو زيد في مديريتي المراشي وبرط العنان، بالإضافة للمناطق السكنية في المناطق المطلة على وادي مذاب الزراعي. 

ورصد التقرير النصف سنوي لحقوق الإنسان 2023م، الصادر عن لجنة الحقوق والإعلام بمحافظة الجوف، والذي أشار إلى أن جماعة الحوثي ارتكبت آلاف الجرائم بحق الإنسان في المحافظة منذ استولت عليها في مارس 2020م، عمليات قتل وتصفية لمدنيين في نقاط أمنية مختلفة تتبع ذراع إيران. 

وذكر التقرير، أن المليشيا قتلت المواطن علي بن هادي حسين وأصابت زوجته، بالإضافة لإصابة الطفل ماجد مسعود هادي أثناء مرورهم بمنطقة برط ملفاج بمديرية برط المراشي. 

فيما قُتل الشاب عدنان ناجي الشايف (18 عامًا) في 23 أبريل 2023م، على يد عناصر مسلحة يتبعون ذراع إيران، أثناء مروره من إحدى النقاط التابعة لهم في مديرية برط المراشي. 

وأوضح التقرير، قيام الجماعة بتاريخ 29 مارس، بقتل وتصفية المواطن الشاب، محمد عبدالله صقرة في نقطة تابعة لها بوادي صرة. 

وفي 29 مارس قامت الجماعة باختطاف الطفل خالد عادل محسن الميو – وعبدالجليل محمد حزام – وفهد محمد اليريمي واخفتهم لمدة أسبوع تعرضوا خلاله لمختلف أشكال التعذيب النفسي والجسدي. 

وبحسب التقرير، بلغ إجمالي الانتهاكات التي ارتكبتها ذراع إيران في محافظة الجوف خلال الفترة من 1 يناير، وحتى 30 يونيو من العام الجاري (5945) حالة انتهاك، توزعت بين حالات قتل وإصابات مباشر، وعمليات تهجير ومصادرة لأراضي وممتلكات المواطنين. 

إذلال متعمد 

وفي الوقت الذي تمارس فيه جماعة الحوثي مختلف أشكال الانتهاكات بحق أبناء محافظة الجوف، يرى مراقبون أن بقاء ذراع إيران يعتمد على مدى قدرتها على الضغط على القبائل والمجتمعات اليمنية في مختلف المحافظات، إذ تعمد الجماعة للتنكيل بهم وإضعافهم وسلب قدرتهم على المقاومة. 

ومنذ محاولاتها الأولى للسيطرة على محافظة الجوف، ركزت المليشيا على توريط القبائل بجرائم ضد أهاليهم وأبناء جلدتهم، وزجت بهم في حربها ضد الجيش الحكومي الذي انقلبت عليه القبائل لتمكن ذراع إيران من إحكام قبضتها على المحافظة. 

وفي سياق متصل، يرى الصحفي محمد المياس، أن جماعة الحوثي استخدمت قبائل الجوف في حربها ضد المحافظة، ثم ورطتهم في انتهاكاتها ضد الأهالي والمدنيين وضربتهم ببعضهم لتضمن بذلك تفرقهم وضعفهم عن مقاومة انتهاكاتها". 

وقال المياس، في إطار حديثه لـ"نيوزيمن": "ما يمارسه مسلحو الجماعة اليوم في محافظة الجوف، هو امتداد لاستراتيجية الخطاب العنصري والسلالي الذي تؤمن به الحركة الحوثية وتقوم عليه". 

وأضاف: "هذا الخطاب والذي يعتمد على مبدأ فرق تسد، هو الانعكاس الطبيعي للسياسة الإمامية التي أطبقت على رقاب اليمنيين لقرون طوال، وورثته لأحفادها القادمين من صعدة وكهوف مران". 

وتابع: "الجوف وغيرها من المحافظات اليمنية الخاضعة لسلطة الحوثيين، تتعرض للانتهاكات والممارسات عينها، والشواهد على ذلك كثيرة ومتعددة من صنعاء إلى عمران وحتى ذمار وكل شبر خاضع لسلطة المليشيا". 

وأشار إلى أن "جماعة الحوثي لا يمكنها الشعور بالأمان في حال استمرت القبيلة اليمنية متماسكة، لا سيما وقد مثلت القبيلة العامل الرئيسي في تشكيل الخطاب السياسي للدولة اليمنية منذ ما بعد ثورة الـ26 من سبتمبر، وأحد أهم المؤثرات على السياسة الإمامية قبل الجمهورية". 

ولفت إلى أن "الطبيعة الحوثية طاردة وغير قابلة للتعايش، وهي بذلك تسعى لابتلاع كل ما يمكنه تهديد نفوذها أو إقلاق أمنها بشكل عام، والقبائل أحد أهم هذه المهددات.. لكن، للأسف الشديد، الحوثيين نجحوا في توريط قبائل الجوف وحولوا المحافظة إلى ساحة مفتوحة أمام مجرميهم".