نيوزيمن يكشف التفاصيل الخفية لمذبحة حوثية تستهدف 25 ألف موظف

تقارير - Wednesday 07 July 2021 الساعة 09:35 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

تستعد مليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية في اليمن، لارتكاب جريمة جديدة بحق موظفي الدولة، وذلك من خلال السعي لإحالتهم إلى التقاعد، وإحلال عناصرها محلهم، في جريمة جديدة تضاف إلى جريمة المليشيات التي تسرق مرتبات الموظفين في المناطق الخاضعة لسيطرتها منذ خمس سنوات.

وقالت مصادر في وزارة الخدمة المدنية، الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية لنيوزيمن، إن التوجهات التي تسعى لتنفيذها الوزارة منذ تولي القيادي وعضو المكتب السياسي للمليشيات سليم المغلس منصب الوزير بشأن عملية التقاعد ستمثل جريمة سيكون لها تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية مشابهة لتلك التي أدت إلى إشعال شرارة احتجاجات المتقاعدين المدنيين والعسكريين في المحافظات الجنوبية في العام 2007م.

موقف مؤتمري منع التقاعد من أيام باسندوة

وتكشف مصادر في الخدمة المدنية بصنعاء لنيوزيمن، أن مشكلة الإحالة إلى التقاعد ليست وليدة اللحظة فهي مشكلة قديمة، حيث أدت مشكلة احتجاجات المتقاعدين المدنيين والعسكريين في المحافظات الجنوبية التي اندلعت في العام 2007م كمشكلة حقوقية في بداياتها بسبب الاختلالات التي شهدتها عملية إحالة أولئك الموظفين إلى التقاعد دون ضمان حصولهم على كامل حقوقهم المادية إلى الضغط على الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الحين، إلى تأجيل تنفيذ أي قرارات خاصة بالتقاعد.

ووفقاً للمصادر، فقد اضطرت حكومة الوفاق التي شكلت بعد تسليم الرئيس السابق للجمهورية علي عبدالله صالح للسلطة إلى نائبه عبدربه منصور هادي العام 2012م والتي كان يقودها محمد سالم باسندوة إلى إيقاف قرار بإحالة 20 ألف موظف إلى التقاعد بعد معارضة وزراء المؤتمر الشعبي العام في الحكومة يومها لذلك القرار وتحذيرهم من أنه قد يؤدي إلى ردود فعل سياسية واقتصادية وأمنية ومظاهرات واحتجاجات ستؤدي إلى التأثير سلبا على المرحلة الانتقالية التي كان يفترض أن تنتهي بعد عامين من تسلم هادي لمنصبه.

وبعد انقلاب المليشيات الحوثية وسيطرتها على مؤسسات الدولة في 21 سبتمبر 2014م عادت مشكلة الإحالة إلى التقاعد للظهور، حيث تقول مصادر في وزارة الخدمة المدنية بصنعاء إن المليشيات الحوثية عملت خلال فترة ما تسمى باللجنة الثورية على تنفيذ عمليات إحالة للتقاعد للموظفين لكنها كانت قليلة بسبب أنها واجهت صعوبات متعلقة بضرورة تأمين مرتبات من ستحيلهم إلى التقاعد في ميزانية الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، وإصرار الأخيرة على عدم قبول تنفيذ أي قرارات بقبول المتقاعدين إلا في حال ضمان حصولها على مرتباتهم وحقوقهم التقاعدية المالية.

وعقب تشكيل حكومة الإنقاذ برئاسة الدكتور عبدالعزيز بن حبتور نتيجة اتفاق بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه والحوثيين وشركائهم وتولي الحوثيين لحقيبة الخدمة المدنية بدأت مساعي تنفيذ قرارات خاصة بإحالة الموظفين إلى التقاعد تعود إلى الواجهة، وهو الأمر الذي واجهه المؤتمر الشعبي العام بالرفض، واستطاع أن ينتزع قرارا من المجلس السياسي بإيقاف تنفيذ أي عملية إحالة للتقاعد للموظفين حتى نهاية الحرب وفي الوقت نفسه قرار مماثل من حكومة بن حبتور.

وتؤكد المصادر أن موقف المؤتمر الشعبي العام حينها انطلق من أن هذه القضية ستؤدي إلى الإضرار بحقوق الآلاف من الموظفين خصوصا من ابناء المحافظات الجنوبية في ظل عدم القدرة على ضمان حقوقهم المادية والتقاعدية بعد ان تسبب نقل البنك المركزي إلى عدن في ايقاف صرف مرتبات الموظفين.

الفصل بديل للتقاعد.. الحوثي يفجر الخلاف مع المؤتمر 

وكانت مليشيات الحوثي قد بدأت تنفيذ عمليات التصفية والإقصاء من جامعة صنعاء من خلال اتخاذ قرارات بفصل عدد من اعضاء هيئة التدريس بحجة انقطاعهم عن العمل في العام 2016م وهو القرار الذي فجر الخلاف مع المؤتمر حينها، حيث سعى المؤتمر من خلال ممثليه في الحكومة لإيقاف تنفيذ ذلك القرار خصوصا بعد صدور قرار ايقاف الاحالة للتقاعد، لكن مليشيات الحوثي عادت مرة اخرى ومن جامعة صنعاء لتصدر قرارات بفصل مئات من اعضاء هيئة التدريس والموظفين بالجامعة.

ورغم معارضة المؤتمر داخل حكومة بن حبتور لتلك القرارات وتشكيل لجنة لحل مشكلة قرارات الفصل التي اصدرتها قيادة جامعة صنعاء، الا ان مليشيات الحوثي عمدت إلى تنفيذ القرار بالقوة وهو الامر الذي شكل أحد مظاهر الخلافات بينها وقيادة المؤتمر الشعبي العام حينها ممثلة بالرئيس السابق علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر، والأمين العام للمؤتمر عارف الزوكا.

وفي شهر أكتوبر من العام 2017م أصدرت قيادة جامعة صنعاء التابعة لمليشيات الحوثي قرارات جديدة بفصل عشرات من اعضاء هيئة التدريس الامر الذي فاقم الخلافات مع قيادة المؤتمر حينها، قبل ان تنتهي تلك الخلافات بقيام انتفاضة الثاني من ديسمبر التي اعلنها الرئيس السابق علي عبدالله صالح ضد مليشيات الحوثي والتي انتهت بقيام الاخيرة باغتياله ورفيقه عارف الزوكا الامين العام للمؤتمر وعدد من قيادات المؤتمر.

وبعدها وجدت مليشيات الحوثي الباب مشرعا امامها حيث عادت لتمارس توجهاتها لفصل واقصاء وتهميش واحالة الموظفين إلى التقاعد من جميع مؤسسات الدولة خصوصا في ظل غياب وانعدام أي معارضة لمن تبقى من ممثلي المؤتمر في صنعاء في حكومة بن حبتور الخاضعة لسيطرة وإدارة المليشيات الحوثية.

وعلى سبيل المثال قامت مليشيات الحوثي مطلع ديسمبر من عام 2018م بفصل نحو 117 أكاديمياً بجامعة صنعاء فصلا تعسفياً، وذلك ضمن إجراءات وعمليات إقصاء وفصل طالت أكثر من 1500 أكاديمي حيث عمدت المليشيات إلى إحلال عناصر تابعة لهم بديلا عنهم.

معارضة سياسية ونقابية للمذبحة الحوثية 

ومنذ تعيين مليشيات الحوثي للقيادي وعضو المكتب السياسي فيها سليم المغلس الذي كان يشغل منصب محافظ تعز عادت توجهات المليشيات لتنفيذ سياسة الاحالة للتقاعد إلى الواجهة من خلال تعميم اصدره الوزير الحوثي مغلس برقم 9 لسنة 2021م بشأن إحالة البالغين احد الاجلين للتقاعد.

وحسب مصادر في وزارة الخدمة المدنية تحدثت لنيوزيمن، فإن تعميم الوزير الحوثي مغلس جاء بعد مذكرة موجهة من مكتب الرئاسة الذي يديره القيادي الحوثي احمد حامد يقضي بضرورة رفع كشوفات كاملة من مختلف مؤسسات الدولة بأسماء من بلغوا اجل التقاعد، الأمر الذي يؤكد ان توجهات المليشيات بشأن المتقاعدين جاءت من اعلى سلطة في هرم المليشيات، حيث ان مكتب الرئاسة يرتبط مباشرة بزعيم المليشيات عبدالملك الحوثي.

وتضيف المصادر: إن توجهات المليشيات لتنفيذ هذا الإجراء تستهدف إحالة أكثر من خمسة وعشرين ألف موظف من مختلف مؤسسات الدولة للتقاعد تمهيدا لاستبدالهم بموظفين من عناصر المليشيات الحوثية.

وحسب المصادر فإن مليشيات الحوثي لديها كشوفات جاهزة بآلاف العناصر من الموالين لها ومن مقاتلي مليشياتها الذين تعتزم استبدالهم مكان الموظفين الذين سيحالون للتقاعد.

إلى ذلك كشفت مصادر سياسية أن من تبقى من ممثلي المؤتمر في حكومة بن حبتور الخاضعة لسيطرة المليشيات اقروا في ختام اجتماع تنظيمي لهم عقد الخميس الماضي برئاسة امين عام مؤتمر صنعاء غازي الاحول اعلان موقفهم الرافض لهذا القرار داخل الحكومة من خلال تمسكهم بسريان قرار إيقاف الإحالة للتقاعد وعدم وجود قرار يلغيه حتى الآن. 

وتضيف المصادر، إن مؤتمريي صنعاء سبق ونبهوا قيادات مليشيات الحوثي إلى أن هذا القرار سيفجر كارثة مستقبلية خصوصا وانه يمثل مخالفة وانتهاكا للدستور والقوانين النافذة واولها قانون التقاعد الذي يكفل للمتقاعدين كامل حقوقهم الوظيفية والمادية وضمان إرسال مرتباتهم التقاعدية كاملة إلى هيئة التأمينات والمعاشات.

إلى ذلك أعلن اتحاد نقابات موظفي الجهاز الإداري للدولة في صنعاء، في بيان نشره الخميس الماضي، رفضه لتلك الإجراءات، مشيرا إلى ان تعميم وزير الخدمة الحوثي لم يراع حتى القوانين التي راعى اتحاد نقابات الموظفين تعطيلها طيلة سبع سنوات والتي تلزم السلطة وحكومة الانقاذ بتنفيذ العلاوات السنوية والتسويات الوظيفية المستحقة لهم قانونا عند استحقاقها إضافة إلى صرف المرتبات والمستحقات المالية والوظيفية الأخرى.


وقالت مصادر نقابية لنيوزيمن، إن الكارثة الأكبر أن قرار المليشيات الحوثية في حال تم تنفيذه لن يتسبب بمصادرة حقوق الاف الموظفين من خلال عدم منحهم مرتباتهم وحقوقهم التقاعدية وفقا لدرجاتهم الوظيفية التي تمنحها لهم القوانين النافذة، بل وسيؤدي إلى مصادرة حقوقهم المادية في المرتبات التي لم تصرف منذ خمس سنوات، ناهيك عن أن هذا القرار سيمثل عقبة جديدة في حل مشكلة التفاهم على صرف مرتبات الموظفين بين مليشيات الحوثي وحكومة الشرعية ضمن أي تسوية سياسية قادمة خصوصا وأن حكومة الشرعية اعتمدت علاوات في مرتبات الموظفين بنسبة تتجاوز 30% لمواجهة ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة العملة، وهو الأمر الذي سيفقده الموظفون الذين ستحيلهم المليشيات للتقاعد.