بعد ظهور المقدشي.. محللون يحذرون من عودة سيطرة الإخوان على المعركة العسكرية ضد الحوثي

تقارير - Saturday 29 January 2022 الساعة 07:19 am
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

حين تساقطت مديرية نهم ومحافظة الجوف بيد المليشيات الحوثية، الذراع الإيرانية في اليمن، سارعت قيادات وسياسيو وإعلاميو الإخوان المسلمين في اليمن (حزب الإصلاح)، إلى محاولة إخفاء تورطهم في تلك الجريمة بشن حملات إعلامية مكثفة تهاجم التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات وتتهمهم بخذلان ما يسمى بالجيش الوطني، وعدم تقديم الدعم اللازم له للاستمرار في المعركة ضد مليشيات الحوثي.

ورغم أن تلك الجريمة كانت كافية لكي يدرك التحالف فداحة الاستمرار في الاعتماد على نفس أدوات الإخوان المسيطرين على الشرعية وحكومتها في إدارة المعركة ضد مليشيات الحوثي إلا أن قيادة التحالف استمرت في دعم الشرعية وحكومتها والمسيطرين عليها بغية عدم إتاحة الفرصة أمام مليشيات الحوثي للشعور بالزهو وبالتالي السعي لتحقيق مزيد من الانتصارات الميدانية وقضم المزيد من الجغرافيا التي كانت الشرعية قد سيطرت عليها وصولا إلى نهم التي لم يكن يفصلها عن صنعاء إلا القليل.

ويفسر محللون لنيوزيمن، موقف التحالف بأنه أسهم في سعي الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) إلى استثمار سيطرتهم على الجيش الوطني لممارسة لعبة الانتهازية في إدارة العلاقة مع قيادة التحالف، خصوصا بعد تعيين اللواء صغير بن عزيز رئيسا لهيئة الأركان العامة وهو الأمر الذي أثار مخاوف الإصلاحيين من أن يسهم ذلك في فضح حجم الفساد المالي المستشري فيما يخص كشوفات الجيش الوطني، حيث بدأت عملية إدارة المشهد العسكري من قبل إخوان اليمن وفقا لقواعد جديدة قائمة على مواجهة ضغوط التحالف بمزيد من التنسيق الخفي مع مليشيات الحوثي، وبمزيد من تسليم المناطق لها وبشكل لم يكن يتوقعه حتى أكثر المتشائمين أو الناقدين لمواقف الإخوان وانتهازيتهم السياسية.

تسليم شبوة ومهاجمة إعادة التموضع في الساحل 

وكان لافتا أن سياسة الإخوان المسيطرين على الشرعية وجيشها الوطني لم يكتفوا باستخدام الانتهازية السياسية ضد التحالف العربي بتسليمهم نهم والجوف بكاملها للمليشيات الحوثية، بل واصلوا ذلك النهج مع كل خلاف ينشب بين الشرعية وبقية المكونات الأخرى وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي واصل مطالبه بتنفيذ اتفاق الرياض الموقع مع حكومة الشرعية، وهو ما ظهر واضحا من خلال تعمد إخوان اليمن الذهاب بعيدا بتسليم المليشيات الحوثية مناطق جديدة وصلت حد التآمر على محافظة البيضاء وتسليم عدة مديريات في محافظة شبوة للمليشيات دون أي معركة عسكرية.

تسليم مديريات في شبوة للمليشيات الحوثية ترافق مع حملات إعلامية إخوانية ركزت على مهاجمة التحالف العربي وتكرار ذات المزاعم عن خذلانه للجيش الوطني ووقوفه خلف انتصار المليشيات في البيضاء وشبوة وهي مزاعم لم تكن سوى إسطوانة مشروخة ترددها الآلة الإعلامية الإخوانية مع كل خيانة تنفذها في أرض الميدان، بالإضافة إلى شنها حملة إعلامية ممنهجة تمجد المحافظ الإخواني لشبوة محمد بن عديو وتدافع عن سياساته بكل الأشكال، رغم أنه كان السبب الرئيسي في تسليم عدة مديريات بشبوة للمليشيات الحوثية.

من جهة أخرى واصلت القيادات الإخوانية حملاتها الإعلامية في اتجاه القوى الوطنية الأخرى المقاومة للمليشيات الحوثية، حيث وجدت في عملية (إعادة التموضع) التي نفذتها القوات المشتركة في الساحل الغربي فرصة لإخفاء مؤامراتها في شبوة من خلال مهاجمة القوات المشتركة (التي تتكون من ألوية العمالقة والمقاومة التهامية وقوات المقاومة الوطنية "حراس الجمهورية" التي يقودها العميد طارق صالح) واعتبار (إعادة التموضع) بأنه انسحاب وتسليم الحديدة للمليشيات الحوثية من قبل الإمارات وقيادات القوات المشتركة.

ورغم الإعلان الصادر عن قيادة التحالف العربي الذي شرح جوهر وأهمية خطوة (إعادة التموضع) التي نفذتها القوات المشتركة، إلا أن الآلة الإعلامية الإخوانية ظلت تمارس ذات الدور في مهاجمة التحالف وبالأخص دولة الإمارات العربية المتحدة، والقوات المشتركة وعلى رأسها العميد طارق صالح وتدبج لهم مزاعم الاتهامات الباطلة في مسعى منها لإخفاء مخاطر ما يمثله تسليم عدة مديريات من شبوة لمليشيات الحوثي والأضرار العسكرية الميدانية الناجمة عن ذلك على سير المعركة في محافظة مارب التي كانت المليشيات تنفذ ضدها حملات زحف يومية في مسعى منها لإسقاطها والسيطرة عليها.

إقالة بن عديو.. التحالف يغير توجهاته

ومثلت إقالة المحافظ الإصلاحي لشبوة محمد بن عديو من قبل الرئيس هادي وتعيين عوض العولقي بديلا له بداية لتوجه جديد للتحالف العربي الذي أدركت قيادته المسؤولة عن إدارة المعركة ضد مليشيات الحوثي في اليمن أن استمرار نهج المسايرة لابتزازات الإخوان سيكون كارثيا وسيؤدي إلى سقوط مارب بيد المليشيات الحوثية خصوصا وأن الأخيرة كانت تستغل سيطرتها على أهم ثلاث مديريات من شبوة في إدارة معركتها ضد مارب بشكل غير مسبوق.

ويقول محللون لنيوزيمن: إن قيادة التحالف العربي استشعرت خطر استمرار المداهنة بعد تسليم الإخوان لثلاث مديريات في شبوة للمليشيات الحوثية ليس على معركة مارب فحسب، بل وعلى الأمن القومي للسعودية وللملاحة الدولية في البحر العربي، وهو الأمر الذي ظهر من خلال إقالة ابن عديو وتعيين المحافظ الجديد لشبوة عوض العولقي رغم حجم الدعاية الإعلامية التي تزامنت مع ذلك من قبل الإخوان في اليمن.

ويضيف المحللون: ولم تكد تمر أيام قليلة على تعيين المحافظ العولقي، حتى بدأت بوادر التوجه الجديد للتحالف تظهر من خلال توجه عدة ألوية من قوات العمالقة التي كانت مرابطة في الحديدة والتي نفذت عملية إعادة التموضع تتجه نحو شبوة لقيادة معركة تحريرها من المليشيات الحوثية، وتزامن ذلك مع قيام القوات المشتركة وعلى رأسها قوات المقاومة الوطنية (حراس الجمهورية) لمعارك تحرير مناطق جديدة من أيدي المليشيات الحوثية في حيس والجراحي ومقبنة.

ويؤكد المحللون أن الانتصارات التي تحققت على أيدي قوات العمالقة بتحرير مديريات شبوة من سيطرة الحوثيين وصولا إلى تحرير مديرية حريب في مارب وسرعة تساقط المليشيات الحوثية أمام ضربات قوات العمالقة ودعم طيران التحالف العربي، لم يؤد إلى استعادة زمام المبادرة في معركة الدفاع عن مارب فحسب، بل وكشف حقيقة أن الانتصارات الحوثية التي تحققت من نهم والجوف وصولا إلى بيحان لم تكن سوى مجرد لعبة سياسية تنفذها قيادات الإخوان المسيطرة على قرار الشرعية في اليمن وبالأخص ما يتعلق بالقرار العسكري والجيش الوطني، حيث أكدت تلك الانتصارات أن الإخوان كانوا هم من سلم تلك المناطق لمليشيات الحوثي التي ما كان لها أن تحقق أي انتصارات لولا التواطؤ المفضوح من قبل الإخوان في إدارة المعركة العسكرية بغية تحقيق أجندات سياسية خفية.

مخاوف من عودة سياسة الإخوان الانتهازية 

وكانت الانتصارات التي تحققت في جبهة شبوة ومارب نتيجة مباشرة لتعيين محافظ جديد لشبوة، ودخول قوات العمالقة خط المعركة الميدانية في شبوة ومارب، حيث ترافقت مع الإعلان الحكومي عن بدء عملية إصلاحات هادفة إلى خلق بيئة مواتية لمزيد من التلاحم والتفاهم والتنسيق بين القوى الوطنية المقاومة لمشروع المليشيات الحوثية الإيراني وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المشتركة والقوى السياسية الأخرى غير الإخوان ومنها المؤتمر الشعبي العام وهو ما مثل مؤشرات هامة على توجهات جديدة يسعى التحالف العربي لترسيخها على أرض الواقع بغية تغيير الاستراتيجية العسكرية في مواجهة المليشيات الحوثية.

وكان لافتا تصدر اللواء صغير بن عزيز رئيس هيئة الأركان العامة المشهد العسكري من خلال ظهوره على المسرح لإعلان حجم الانتصارات ومؤشرات المعارك المستقبلية وهو ما رأى فيه المحللون تغييرا إيجابيا يخدم سير المعركة العسكرية الميدانية ضد مليشيات الحوثي في جبهات شبوة، مارب، البيضاء.

لكن في المقابل فإن ما يثير قلق المحللين في الوقت نفسه أن تلك التوجهات بدأت تختفي لصالح عودة مشهد السيطرة الإخوانية على قرار إدارة المعركة العسكرية وهو ما برز واضحا من خلال حملات الإعلام الإخوانية التي تتهم قوات العمالقة بإيقاف المعارك في المناطق الشطرية الحدودية من جهة، ومن جهة أخرى الاحتفاء بأي خسائر تتعرض لها ألوية العمالقة جراء ضربات المليشيات الحوثية بصواريخ باليستية على مناطق المعركة، وصولا إلى عودة وزير الدفاع محمد المقدشي والمحسوب على نائب الرئيس الفريق علي محسن الأحمر والإخوان المسلمين للمشهد من خلال مسارعته للذهاب إلى جبهات القتال ومحاولة سرقة مشاهد الانتصارات العسكرية على المليشيات الحوثية لصالحه ولصالح الجيش الوطني الذي يديره هو وقيادات الإخوان.

ويقول محللون لنيوزيمن: إن أي تغير في توجهات التحالف وإتاحة المجال أمام عودة السيطرة الإخوانية على المشهد السياسي وعلى إدارة المعركة العسكرية في مارب أو البيضاء سيكون له عواقب وخيمة أبرزها إمكانية تسليم الإخوان للمناطق المحررة لمليشيات الحوثي مرة أخرى في إطار تنفيذ سياسة الانتهازية التي تمارسها قيادات الإخوان خصوصا بعد أن أثبتت عملية إقالة ابن عديو وما تبعها من انتصارات ميدانية حقيقة تورط القيادات الإخوانية السياسية والعسكرية في التنسيق مع مليشيات الحوثي لممارسة الابتزاز والضغط ضد التحالف العربي.

ويختتم المحللون بالتأكيد على أهمية استمرار توجهات الإصلاحات الحكومية بالتزامن مع مزيد من دعم الجبهات العسكرية التي تقودها ألوية العمالقة وفي الوقت نفسه إزاحة أي تدخلات إخوانية في سير المعارك العسكرية في مارب والبيضاء.