مسقط مأذنة الحوثي.. حياد عمان والذود عن مكاسب المليشيات

تقارير - Monday 07 February 2022 الساعة 07:14 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

كلما أيقنت سلطنة عمان أن الحوثيين في مأزق وتم حشرهم في زاوية ضغط دولي وهزائم ميدانية على مسرح العمليات أعادت ملف اليمن إلى طاولة قضاياها الساخنة دفاعا عن الحوثي وليس اهتماما باليمنيين.

وخلال سنوات الحرب والانقلاب مثلت عمان مأذنة ومحطة دعم رئيسي للحوثيين رغم ادعاء السلطنة للحياد في تعاطيها مع شأن الجوار والبقاء على مسافة واحدة من الجميع.

ولم تكتف عمان بدورها المكمل لطهران وتحولها إلى نقطة عبور للدعم العسكري الإيراني إلى معسكرات الحوثيين، بل ربطت كذلك جناحا آخر مع دولة قطر الداعم السخي ماليا للحوثيين والإخوان وخلايا مسقط المتعددة والتي تنتمي إلى قوى سياسية واجتماعية التقت على الترزق للعمل ضد التحالف العربي.

مؤخرا بدأت سلطنة عمان التحرك سرا وعلانية في محاولة لاحتواء النجاح الذي صنعته الدبلوماسية الإماراتية وتحشيد المواقف الدولية لصناعة محتوى جهد سياسي لمواجهة عبث الحوثيين بأمن واستقرار المنطقة يوازي الجهد العسكري الذي أنجزته الإمارات مؤخرا في الميدان بالتنسيق مع القوات الجنوبية.

وكانت سلطنة عمان صرحت بموقفها الرافض إعادة تصنيف مليشيات الحوثي كجماعة إرهابية دولية بمبرر أن هذا التصنيف الذي ألغته إدارة بايدن في مستهل مهامها سيعقد الجهود الإنسانية للوصول إلى المستهدفين بالدعم الإغاثي إضافة إلى تعقيد فرص الحل السياسي كما تزعم دبلوماسية مسقط.

وما هو معلوم أن ما تقدمه مسقط من دعم إنساني لليمن لا يتجاوز حصص التمويل الخاص بخلايا الإخوان والحوثي ومجاميع سياسية وإعلامية قررت أن تتخذ من السلطنة مقرا لممارسة الابتزاز للتحالف.

وفيما تتحرك سلطنة عمان وقطر في الأوساط الدولية لتسويق أوهام الحل السياسي والتحذير من مخاطر عدم الوصول إلى الشرائح المستهدفة بالدعم الإنساني حال صنفت مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية فإن التقييم الأمريكي سياسيا وصل إلى قناعة بإن انسياب الإغاثة لا يمكن أن تبقى ورقة حوثية لابتزاز العالم.

وفي مسار محلي تتحدث معلومات عن جهد عماني كبير تبذله مسقط تحت شعار احتواء التصعيد العسكري واقناع الأطراف المحلية اليمنية بالجلوس على طاولة الحوار ضمن وساطة عمانية، بينما الواقع يقول إن السلطنة تحركت لإنقاذ الحوثيين ومنحهم مساحة من الوقت لتجاوز التكثيف الإماراتي للخيارات العسكرية والسياسية.

خطورة التحرك العماني يكشف تماهي السلطنة مع مشروع طهران بتمكين الحوثيين من السيطرة على مأرب وما بعد مأرب وتوسيع مكاسب إيران بأيدي مليشيات عبدالملك الحوثي.

فشلت سلطنة عمان أو يمكن الجزم بأنها لم ترد أن تنجح مهمة وفدها السلطاني الذي زار عبدالملك الحوثي العام الماضي لوقف هجومه على مأرب وإقناعه بقبول المبادرة السعودية والتعاطي إيجابيا مع رسائل إدارة بايدن الحالمة حينها بصناعة نصر سياسي ينهي الحرب في اليمن.

عاد الوفد السلطاني من صنعاء حاملا أكياسا بلاستيكية بداخلها قليلا من الزبيب واللوز والعسل وتم تصوير الوفد ومعه الهدايا قبل الصعود إلى الطائرة وكأن القصد من نشر هكذا صور يظهر أن الزيارة كانت ودية وليست محاولة لاستغلال علاقات عمان بالحوثي لإقناعه بتقديم تنازلات.

كانت حينها قوات الحوثي تواصل قضم جغرافيا محافظة مأرب غير أن التحرك الحالي سيذهب باتجاه إبقاء مناطق جنوب مأرب تحت سيطرة المليشيات كون تلك المديريات تشكل مكسبا ثمينا للحوثي قاتل طوال 20 شهرا للحصول عليه. 

 تحرك سلطنة عمان الحالي يهدف لمنع خسارة الحوثيين هذه الجغرافيا في جنوب مأرب التي تشكل الباب الأخير للسيطرة على ثروات مأرب النفطية ورمزيتها السياسية والقبلية بعد أن أربك التحرك الإماراتي مع حلفائه في شبوة والساحل الغربي حسابات الحوثي الميدانية ونزع حالة الاسترخاء التي وصلت لها المليشيات في تحقيق المكاسب العسكرية على جيش الشرعية.

ولم ترفع عمان صوتها حين فشلت في منع تقدم الحوثي صوب مأرب رغم محاولات الشرعية عبر قياداتها الفاشلة إقناع مسقط بلعب دور يوقف هرولة الحوثيين لابتلاع ما تبقى من مأرب حينها غير أن صوت السلطنة المحايدة سيرتفع كثيرا وهي تتحرك لحماية الحوثيين وتسوير مكاسبهم بمبادرات وانتزاع تنازلات مزعومة ستنتهي بتأمين مكاسب إيران وتكرار نموذج الحديدة.

وسنشهد خلال الأيام القادمة ارتفاع أصوات تقدم الحوثيين كحمائم سلام مع تصريحات حوثية عن أهمية المفاوضات كبوابة للوصول إلى تسوية تنهي الحرب ومآسيها ودور عمان وإيران وربط ذلك بمؤشرات انفراج متوقع في مفاوضات الملف النووي الإيراني.

استثمار النجاحات التي حققتها الإمارات في الميدان وفي فضاءات العمل الدبلوماسي وإنهاء عبث الشرعية من خلال تحرك جدي لإعادة هيكلة أدوات الشرعية وقياداتها هو الكفيل بإفشال التحرك العماني القطري الذي يراهن على اختراقات مسقط والدوحة لإجنحة وفصائل الشرعية ومراكزها المخترقة.

حديث سلطنة عمان عن السلام يكرس واقع سيطرة الحوثيين العسكرية في الميدان ولن يكون خلافا لذلك، وأي رهان على من يهرب الصواريخ والطيران المسير للحوثي بأنه سيسهم في صناعة تسوية سلمية في البلاد هو غباء وخيانة.