أركان الانقلاب الحوثي تتآكل

تقارير - Sunday 20 February 2022 الساعة 07:06 am
صنعاء، نيوزيمن، محمد يحيى:

لم يعين عبد الملك الحوثي نائباََ له، واحتكر زعامة المليشيا على نفسه منذ توليه قيادتها، وإن كان عين العديد من إخوته وأقاربه في مناصب هامة بعد الانقلاب على السلطة في 2014، إلا أنها لم تكن مناصب تضعهم كمنافسين له في القيادة.

وعندما تم تعيين محمد علي الحوثي في بداية الانقلاب رئيسا لما تسمى بـ"اللجنة الثورية"، تدارك عبدالملك الحوثي الأمر لاحقاََ، بعد محاولة رئيس اللجنة الظهور كمنافس لزعيم المليشيا، فعمل الأخير على تهميشه وتحجيم نفوذه، بتأسيس "المجلس السياسي" الذي آلت إليه صلاحيات "اللجنة الثورية".

 تنامت بعد ذلك الخلافات والصراعات الداخلية على السلطة والنفوذ والمال، بين القيادات العليا للمليشيا، وانقسمت تلك القيادات ضمن جناحين متصارعين، جناح المجلس السياسي وجناح محمد الحوثي.

وضمن الخلافات الحوثية البينية، على السلطة والنفوذ والمال، بين الجناحين، انفضح مؤخراََ الدور الذي يلعبه محمد الحوثي في نهب موارد مؤسسة موانئ البحر الأحمر التي تقدر بنحو 14 مليار ريال شهرياً.

ووفقا لمصادر مطلعة فإن الخلاف الأخير بين مهدي المشاط المعين رئيسا لما يسمى "المجلس السياسي" وبين محمد الحوثي، بدأ حين طلب الأول من رئيس الموانئ محمد أبوبكر ونائبه يحيى شرف الدين (وهما حوثيان) تقارير عن الإيرادات، بعد أن تبين له أن هناك عمليات تحويل لمبالغ مالية من إيرادات الموانئ إلى حسابات تتبع محمد الحوثي وآخرين، بتوجيهات من وزير النقل في حكومة الانقلاب عامر المراني ومحمد علي الحوثي، دون أن يكون للمشاط نصيب من تلك المبالغ المنهوبة.

ويتزعم مهدي المشاط حاليا جناح المجلس الانقلابي، ويضم إلى جانبه مدير مكتبه أحمد حامد، إضافة إلى يحيى بدر الدين الحوثي وزير التعليم بحكومة المليشيا، وعبدالكريم الحوثي وزير داخلية الانقلاب، فيما يتزعم الجناح الآخر محمد علي الحوثي، والى جانبه أبو علي الحاكم مسؤول استخبارات المليشيا، ومجموعة من القيادات العسكرية والسياسية الحوثية.

ويتجنب زعيم الجماعة الإرهابية المسلحة، الدخول في مواجهة مباشرة في الصراعات والخلافات داخل الأسرة الحوثية من جهة، وصراعات قيادات المليشيا فيما بينها من جهة أخرى، ويعمل عبدالملك الحوثي على تقديم نفسه كمرجعية على مستوى الأسرة والمليشيا وقياداتها، لكنه في ذات الوقت يعمل على إعاقة طموحات منافسيه من داخل الأسرة، وتقليص نفوذهم بدعم شخصيات مقربة منه.

وبتأسيس المجلس السياسي، تمكن زعيم المليشيا الانقلابية، من تهميش دور اللجنة الثورية وتقليص نفوذ رئيسها، ما أدى حينها إلى تصاعد الخلافات على المصالح والنفوذ، وكانت في البداية بين محمد الحوثي وبين الصريع صالح الصماد الرئيس السابق للمجلس السياسي، وهي الخلافات التي أفضت لاحقا إلى اغتيال الأخير.

كان الصماد بعد تعيينه رئيسا للمجلس الانقلابي بفترة وجيزة، شكا لمقربين منه من عدم تنفيذ محمد الحوثي لتوجيهاته، كما أنه ألمح في خطابات له قبيل أسابيع من مصرعه، الى أن اغتياله سيكون على أيدي ‏جناح معروف من الحوثيين.

وقبل مقتل الصماد كانت الخلافات في صفوف الجماعة الحوثية قد ظهرت على السطح، وأخذت المعلومات تتسرب عن صراع بين جناح محمد الحوثي، وجناح صالح الصماد، وحدوث اشتباكات بالأسلحة، وتبادل للاتهامات بالسرقة، وكشف مقربون من الجماعة آنذاك عن وضع الصماد تحت الإقامة الجبرية، قبل أن تعلن المليشيا عن مصرعه بما وصفتها غارة جوية للتحالف، وسط اتهامات من داخل الجماعة حملت جناح محمد الحوثي وأبو علي الحاكم مسؤولية تصفية الصماد، وتقديم تسعة أبرياء من أبناء الحديدة إلى ساحة الإعدام، بتهمة التورط في مقتله.

وبتعيين مهدي المشاط المدير السابق لمكتب زعيم المليشيا، رئيسا للمجلس السياسي خلفا للصماد، إضافة إلى دعم زعيم الجماعة للقيادي المقرب منه أحمد حامد وتعيينه مديراََ لمكتب المشاط، أصبح المجلس الانقلابي مباشرة تحت تصرف زعيم المليشيا الحوثية.

ومع تقليص نفوذ محمد الحوثي، وصل الصراع الدخلي لقيادات المليشيا الإرهابية إلى مرحلة متقدمة، إذ يتصارع مهدي المشاط ومعه مدير مكتبه النافذ أحمد حامد، مع محمد علي الحوثي وأبو علي الحاكم، وسط توقعات بتصاعد الخلافات وتوسع التصفيات، بعد عملية اغتيال إبراهيم بدر الدين الحوثي شقيق زعيم المليشيا.

وكانت مصادر مطلعة أكدت وقوف مهدي المشاط، وراء الحادث الذي تعرض له محمد علي الحوثي في يناير 2019، وكاد أن ينهي حياته، في ظل صراع النفوذ والسلطة بين قيادات المليشيا، الذي تطور من صراع سري على النفوذ والمال والسلطة، إلى تبادل التهديدات بالتصفية الجسدية.

كما يشار الى أن رئيس المجلس الانقلابي مهدي المشاط، كان قد ترأس اجتماعا للمجلس، حضرته وسائل إعلام المليشيا، وأصدر قرارا بإقالة محمد الحوثي من عضوية المجلس وتحويل عضويته إلى مجلس الشورى، ما دفع الأخير إلى اقتحام مقر وكالة سبأ التابعة للمليشيا في صنعاء، وإجبار المسؤولين هناك على حذف الخبر تحت التهديد وبقوة السلاح، ولم يقف الأمر عند هذا الحد فقد تطور إلى تهديدات بالتصفية الجسدية، وفقا لمصادر مطلعة في صنعاء.

بعد ذلك تم إبعاد محمد الحوثي، من الواجهة السياسية، ودُفع به لممارسة دور ثانوي على رأس هيئة تختص بمراجعة ملفات الأراضي وملكيتها ومراقبة أداء الأمناء الشرعيين المكلفين بتحرير عقود البيع والشراء، لكن "الدركتل" الذي لا يطيق الابتعاد كثيرا عن الشأن السياسي، لا زال يحاول من حين لآخر التذكير بحضوره السياسي، من خلال تغريداته عن تطورات القتال في الجبهات.