بعد افتعالها.. الحوثي يستثمر أزمة الوقود والغاز عسكرياً ومالياً

تقارير - Wednesday 16 March 2022 الساعة 06:51 am
عدن، نيوزيمن، خاص:

في الثاني من شهر مارس الجاري، أفرغت باخرة تجارية، قرابة 10 آلاف طن من الغاز المنزلي المستورد، في رصيف ميناء الحديدة، الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية (غربي اليمن).

وكانت هذه الكمية المستوردة كفيلة بإنهاء الأزمة غير المسبوقة، في الغاز المنزلي، بمناطق الحوثي، لو ضخت في السوق الرسمية للمستهلكين.

ووفق كشف حركة السفن في ميناء الحديدة بتاريخ 2 مارس (آذار) الجاري، وصلت الباخرة «Gaz Energy» محملة بـ(9488) طنا من الغاز المنزلي، ودخلت رصيف الميناء للتفريغ في هذا التاريخ، في حين اضطرت الميليشيات إلى الاعتراف بهذه الشحنة في 13 من الشهر ذاته، وقالت إنها بدأت بإفراغ حمولتها تمهيدا لتوزيعها في الأسواق.

وبدلا من ذلك عمل الحوثيون على إخفاء الكمية في مستودعات خاصة، تمهيدا للاتجار بها في السوق السوداء، التي تديرها، مع حلول شهر رمضان الذي يشهد طلبا متزايدا على غاز الطهي، وبالتالي تحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية.

وبالتوازي، اتجهت مليشيا الحوثي، إلى تكثيف حملة المزاعم الإعلامية التي تشنها بشكل منتظم، وتستهدف إلقاء اللوم في أزمة الغاز المنزلي وكذا أزمات المشتقات النفطية التي تصنعها بمناطق نفوذها، على التحالف العربي بقيادة السعودية.

من جهتها أكدت شركة صافر للغاز أن 55 ‎في المائة من إنتاجها ذهب إلى مناطق سيطرة الميليشيات، موضحة أنه خلال العام الماضي أنتجت نحو 26 ألفا و687 مقطورة غاز ووزعتها على جميع المحافظات بحسب الكثافة السكانية، حيث كان نصيب المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثي نحو 14 ألفا و739 مقطورة غاز، أي ما يعادل أكثر من 32 مليون أسطوانة وبنسبة تفوق 55 في المائة من إجمالي الإنتاج. 

وتدحض هذه الأرقام افتراءات الحوثيين وتكذب مزاعمهم بعدم إمداد مناطق سيطرتهم بمادة الغاز، وتكشف حقيقة تلاعبهم بها واستغلالها لتحقيق الثراء الشخصي لقادتهم وبيعها في السوق السوداء التابعة لهم بأسعار باهظة.

كما أظهرت وثائق أن الميليشيات الحوثية تتعمد افتعال أزمة غاز الطهي في مناطق سيطرتها لمضاعفة معاناة السكان، وهو الأمر الذي أكدته من جهة أخرى البيانات الرسمية الصادرة عن سلطتها في صنعاء.

استثمار الأزمة بعد افتعالها 

وبعد افتعال أزمة الوقود التي تطحن سكان صنعاء وباقي المدن شمالي اليمن، عمد الحوثيون إلى استغلالها للتحريض ضد التحالف العربي وتحشيد مقاتلين إلى صفوفهم، بالرغم من اعتراف المليشيا عبر أعلى سلطة شكلية في صنعاء (المجلس السياسي) باحتجاز المئات من شاحنات نقل النفط في محافظة الجوف شمال شرقي البلاد.

لكن هذا الكيان المليشياوي، عاد في نفس وثيقة الاعتراف باحتجاز الحوثيين مقطورات الوقود ومنع وصولها إلى صنعاء، ليقرر "الاستفادة من موجة الغضب الشعبي جراء انعدام المشتقات للتحشيد العسكري وتوجيه الموجة ضد دول التحالف العربي.

ومنذ أسابيع تنفذ المليشيا الحوثية أوسع حملة استقطاب وتجنيد مقاتلين إلى صفوفها، في عديد من المدن والمناطق القبلية والريفية، استهدفت مئات الشبان والأطفال والكهول، مستغلة حالة السخط الشعبي من أزمة الوقود التي صنعتها بالأصل.

ويحتجز الحوثيون منذ أسابيع أزيد من 500 مقطورة في نقاط التفتيش المسماة "منافذ جمركية" على امتداد الطرق الواصلة بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

ودرجت مليشيا الحوثي على افتعال أزمات خانقة في المشتقات النفطية، واستغلاها سياسيا وعسكريا، إلى جانب تحقيق أعلى المكاسب المالية عبر بيع الكميات المكدسة من مادة البترول والديزل والغاز في السوق السوداء بأسعار قياسية.

وتدعي من وقت لآخر بأن التحالف بقيادة السعودية، يمنع وصول سفن البضائع والمشتقات النفطية، إلى ميناء الحديدة، وهي مزاعم تنفيها بيانات حركة السفن في الميناء، ناهيك عن التصاريح الكتابية التي يمنحها التحالف لدخول السفن والبواخر إلى الميناء.

وقد كان اللافت في اليمن، هو تعاطي جهات دولية ووكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، مع الأزمة الأخيرة في المشتقات النفطية في صنعاء، من منظور الحوثيين، متجاهلة الوقائع التي تؤكد ضلوع الجماعة في خنق السكان بمناطق نفوذها بأزمات مفتعلة، فضلا عن حرمانهم من المساعدات الإنسانية التي تقدمها تلك الوكالات الدولية.

ومنذ سيطرتها على العاصمة اليمنية صنعاء، وصولا إلى ميناء الحديدة، تتفنّن مليشيا الحوثي في سرقة المساعدات الدولية وتنتهك الاتفاقات، بما فيها اتفاق ستوكهولم.

وخلال السنوات الأربع الماضية، عملت مليشيا الحوثي على استهداف قوافل الإغاثة الإنسانية ونهبها والحيلولة دون وصولها إلى المدنيين، وهي فظائع أكدتها تقارير وبيانات وتصريحات للأمم المتحدة نفسها.